قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

السيد علي خان المدني .. العالم الأديب
*ضياء العيداني
*من هو...؟
شخصية علمية لها صداها الواسع في مجال العلم والأدب، ألا وهو العلاّمة الأريب والفاضل الأديب السيّد علي خان صدر الدين المدني الشيرازي المعروف بابن معصوم بن الأمير نظام الدين أحمدَ بن محمد معصوم بن أحمد نظام الدين بن إبراهيم بن سلام الله بن مسعود عمادِ الدين بن محمد بن صدر الدين بن منصور غياث الدين بن محمد صدر الدين بن إبراهيم شرف الدين بن محمد صدر الدين المنتهي نسبه إلى زيد الشهيد بن الإمام زين العابدين وسيد الساجدين (عليه السلام)، الذي وُلِدَ (رحمه الله) في ليلة الخامس عشر من جمادى الأولى سنة 1052 هـ في المدينة المنورّة ولذا لُقبّ بالمدني ونشأ وترعرع فترة طفولته وصباه فيها وبجوار مكّة المكرّمة وقد سافر أبوه الفاضل الأديب السيد نظام الدين أحمد إلى حيدر آباد في الهند بطلب من السلطان عبد الله قطب شاه حيث زوجّه ابنته وبقي السيد ابن معصوم في أحضان والدته.
وقد اشتغل المترجم له (رحمه الله) خلال فترة صباه بطلب العلم حتى سافر إلى حيدر آباد بطلبٍ من والده إذ غادر مكة المكرمة في ليلة السبت السادس من شهر شعبان سنة 1066 كما هو المحكي عن مسبحة المرجان.
وظل السيد علي خان في رعاية والده الطاهر في حيدر آباد إلى أن توفي أبوه سنة 1068 للهجرة، وعند وصوله (رحمه الله) إلى حيدر آباد رحّب به السلطان وقلدّه قيادة كتيبة من الجيش تعدادها ألف وثلاثمائة فارس وأعطاه لقب الخان فعرف بالسيد علي خان.
وفي أوّل هذه الفترة ألّف كتابه: (أنوار الربيع في أنواع البديع) والذي يشرح فيه شيئاً من حاله والوضع الذي عاش فيه خلال هذه الفترة.
ومما قاله الشاعر السيد علي خان المدني في وصف مرقد الإمام علي (عليه السلام):
يا صَاح هذا المشهدُ الأقدسُ.. قَرَّت به الأعينُ والأنفسُ
والنَّجَف الأشرفُ بانَتْ لنا.. أعلامُه والمعهد الأنفسُ
والقُبَّة البيضاء قد أشرقت.. يَنجاب عن آلائها الحَندَسُ
حَضْرة قُدسٍ لم يَنَلْ فَضلَها.. لا المَسجد الأقصى ولا المَقْدِسُ
حَلَّت بِمَن حَلَّ بها رُتبة.. يقصُر عنها الفَلَك الأطلَسُ
تَودُّ لو كانَتْ حَصا أرضِها.. شُهبُ الدُّجى والكُنَّسُ الخُنَّسُ
وتَحسُدُ الأقدام مِنَّا على.. السَعْي إلى أعتابِهَا الأرؤُسُ
فَقِفْ بها والثمْ ثرى تربها.. فَهي المقام الأطْهرُ الأقدَسُ
وقُلْ صَلاةٌ وسَلامٌ على.. مَن طَابَ مِنها الأصلُ والمغرسُ
خَليفة الله العظيم الذي.. مِن ضَوئه نورُ الهُدى يقبسُ
نَفسُ النبي المُصطفى أحمدٌ.. وصنوُه والسيِّدُ الأرأَسُ
العَلَم العَيْلم بَحرُ النَّدى.. وَبرّه والعالم النقرسُ
*ما قيل فيه..
أولاً : قال العلاَّمة الأميني في (الغدير) : شاعرنا صدر الدين السيد علي خان من ذخائر الدهر، وحسنات العالم، ومن عباقرة الدنيا، فنّي كل فنّ.. وقال عنه أيضاً: وهو شرح لم يحمل مثله في عالم النحو، نقل فيه أقوال جميع النحاة من كتب كثيرة.
ثانياً : في كتاب (أمل الآمل) : من علماء العصر، عالم، فاضل، ماهر، أديب، شاعر.
ثالثاً : في كتاب (حديقة الأفراح) : السيد علي خان المدني صاحب سلافة العصر، هو الإمام الذي لم يسمح بمثله الدهر .
رابعاً : قال مؤلف (نفحة الريحانة) : إنّه أبرع من أظلَّته الخضراء، وأقلَّته الغبراء، وإذا أردت علاوة في الوصف قلت: هو الغاية القصوى، والآية الكبرى، طلع بدرُ سَعْدِه فنسخ الأهِلَّة.
وقال العلامة محمّد باقر الخوانساري: السيد النجيب والجوهر العجيب والفاضل الأديب والوافر النصيب وكان من أعاظم علمائنا البارعين وأفاخر نبلاءنا الجامعين صاحب العلوم الأدبية والماهر في اللغة العربية والناقد لاحاديث الإمامية، والمقدمّات في مراتب السياسات المدنية والرياسات الدنيوية والدينية.. إلى غير ذلك من أقوال العلماء والأعلام في مدحه والثناء عليه.
*مؤلفاته..
ترك المترجم له (رحمه الله) عدّة مؤلفات في علوم شتى نذكر جملة منها على نحو الاختصار: (سلامة العصر) ترجم فيه لأدباء القرن الحادي عشر، (سلوة الغريب وأسوة الأديب) وهي رحلته إلى حيدر آباد في الهند سنة 1066 هـ. ق، (الدرجات الرفيعة في طبقات الإمامية من الشيعة)، (رياض السالكين في شرح صحيفة الساجدين): وهو أشهر مصنفاته وقد طبع مرات عديدة آخرها سنة 1425 هـ يقع في مجلدات سبعة مع مجلدين فهارس، (الحدائق الندية في شرح الصمدية) فرغ من تأليفه سنة 1079هـ.
*وفاته..
توفي السيد علي خان (رحمه الله) سنة 1120 للهجرة على أرجح الروايات في مدينة شيراز – جنوب ايران- ودفن بحرم السيد أحمد بن الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليهما السلام) الملقّب بـ(الشاه جراغ) عند جدّه غياث الدين بن منصور.
وهكذا ختم هذا السيد الجليل حياته مخلفاً وراءه ثروة علمية هائلة ينهل منها المسلمون على مر الأجيال.
فسلام عليه يوم ولد ويوم مات باذلاً نفسه المقدسة في سبيل الشرع المبين ويوم يبعث حياً.