قسم: الاول | قبل بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

مركز ابن خلدون للدراسات يؤكد توجه العراق نحو الديمقراطية
في تقرير لمركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية المنشور في موقع (إيلاف) جاء فيه شروحات ومعلومات وبيانات قيمة بشأن العراق وبخصوص عملية التحول الديمقراطي والوضع الداخلي بعد انهيار نظام الطغيان والاستبداد والتركيبة التعددية التي يتميز بها العراق.
ويحق القول ان ما جاء في التقرير يشكل نقلة نوعية في إصدار تقارير واقعية موثوقة عن الدول الشرق الأوسطية التي تتميز بشحة وصعوبة المعلومات والبيانات السياسية عن دولها بسبب غياب النهج الديمقراطي والتنظيمي الحديث عن أنظمتها السياسية. وكذلك يمكن القول ان التقرير قيم عملية التحول الديمقراطي بمؤشرات متسمة بحيادية وايجابيات كثيرة وسلبيات قليلة.
استهل التقرير استعراض الأوضاع في العراق، بلمحة تاريخية أشار فيها إلى أن "العراق كان جزءا من الإمبراطورية العثمانية حتى احتلته بريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى عام 1920، ثم في الثالث من تشرين الأول (أكتوبر) عام 1932، أعلن العراق مملكة مستقلة عن الإدارة البريطانية المنتدبة من جانب عصبة الأمم، وأعلنت جمهورية العراق في 14 من تموز (يوليو) عام 1958بعد انقلاب عسكري قام به اللواء عبد الكريم قاسم، الذي تلته انقلابات عسكرية أخرى استمرت حتى مجيء "حزب البعث” في 17 تموز (يوليو) من العام 1968، بقيادة أحمد حسن البكر الذي أجبر على الاستقالة من جانب صدام حسين عام 1979، ولمدة ربع قرن من حكم صدام حسين العراق قائدا بلاده في مغامرات عسكرية وحروب متتالية ضد جيرانه: في حرب الخليج الأولي مع إيران لمدة ثمانية أعوام (1980-1988)، ثم ما لبثت أن اجتاحت جيوشه الكويت (1990-1991) مما أدى إلى فرض حصار دولي على العراق استمر حتى بداية حرب الخليج الثالثة والتي تم احتلال العراق فيها من جانب قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة في نيسان (أبريل) من عام 2003. ومشكلة العراق الرئيسية الآن تتمثل في نقل السلطة من قوات الاحتلال إلى حكومة وطنية منتخبة دون تقسيمه في ظل تمركز الشيعة في الجنوب والأكراد في الشمال".
هذه المقدمة المختصرة التي تصدرت تقرير المركز، كان تقديما سليما لا غبار عليه، ثم تعرجه الى تحديد مؤشرات التحول الديمقراطي في العراق، كان المحور المركزي والقوي في التقرير الذي حدد التحول بالمؤشرات التالية:
1ـ السلطة التنفيذية والتشريعية، حيث جاء بهذا الخصوص في التقرير "نقلت السلطة إلى حكومة عراقية مؤقتة برئاسة أياد علاوي. وتعمل هذه الحكومة بالتعاون مع سلطة الاحتلال بموجب قرار مجلس الأمن الصادر في حزيران (يونيو) 2004، والذي منح سلطات الاحتلال "حرية اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للمساهمة في الحفاظ على الأمن والاستقرار في العراق". وتخضع الحكومة العراقية الانتقالية لقانون إدارة الدولة التي أصدرته سلطات الاحتلال في آذار (مارس) 2004وذلك حتى يتم تشكيل حكومة عراقية منتخبة تخضع لدستور دائم في نهاية عام 2005".
2ـ استقلال القضاء والاعتقال، بهذا الشأن يذكر التقرير "ينص قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية الذي صدر في 8 /3/2004 على استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية وعلى أن يتولى "المجلس الأعلى للقضاء" الإشراف على القضاء وإدارة ميزانيته. وبنهاية عام 2003 تكونت مجموعة من المحاكم الخاصة تتعلق أحدها بالفصل في الجرائم ضد الإنسانية و "الهيئة الوطنية للنزاهة العامة"،و"الهيئة الوطنية العليا لاجتثاث البعث" وقد اضطرت هذه المحاكم وغيرها إلى الاعتماد على الإطار القانوني لعهد صدام حسين حتى يتم تشكيل نظام قضائي جديد في العراق".
3ـ الأحزاب والانتخابات، وجاء فيه "بدأ في نوفمبر 2004 الاستعداد للانتخابات النيابية والبلدية العراقية التي أجريت في نهاية كانون الثاني 2005، وقد جرى الترشيح على أساس "كيانات سياسية" بلغ عددها 217 كيان، وستشمل الانتخابات انتخاب أعضاء "الجمعية الوطنية" البالغ عددهم 275 عضوا ومجالس المحافظات الثماني عشرة في نحو سبعة آلاف مركز اقتراع (51 عضوا لمجلس محافظة بغداد، 41 عضوا لباقي المحافظات السبع عشرة). وقد تم تخصيص ربع مقاعد الجمعية الوطنية للنساء".
4ـ المجتمع المدني وحرية التنظيم، "شجع الوضع الجديد في العراق العديد من المنظمات العراقية التي تأسست في الخارج على إعادة تنظيم نفسها من جديد بما يتلاءم والمرحلة الراهنة، وأصبح نشاط العديد منها يتركز في العمل التطوعي وجمع التبرعات في الداخل والخارج، إلى جانب العمل السياسي". و"يكفل قانون إدارة الدولة الحالي للمواطنين العراقيين الحق في تكوين الجمعيات والانضمام إليها، ويقنن عملها الدستور المؤقت الذي تم تبنيه في آذار (مارس) 2004، والذي ينص في مادته 21 تحت بند المجتمع المدني على ما يلي: (لا الحكومة الانتقالية العراقية ولا الحكومات وإدارات المناطق، والحكام والبلديات، ولا الإدارات المحلية يمكن أن تتدخل في حق الشعب العراقي في تطوير مؤسسات المجتمع المدني، سواء بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني الدولي أو غير ذلك)".
5ـ حرية التعبير واستقلال الإعلام، وجاء بخوص هذا المؤشر "شهدت فترة ما بعد سقوط نظام حزب البعث تنوعا في الآراء لم تعهده الحياة الإعلامية الحديثة في العراق، فخلال عدة أشهر تم صدور 110 صحيفة جديدة. وتمثل كثير من الصحف الجديدة أحزابا سياسية عارضت صدام وعملت بشكل سري إبان فترة حكمه أو ظهرت بعد الإطاحة به".
6ـ حقوق المرأة والمهمشين، لأهمية هذا المؤشر خاصة في منطقة الشرق الأوسط التي تعيش تحت قيود دينية واجتماعية شديدة السلبية للحياة المعاصرة، أبرز التقرير هذا الشأن بايجابية كبيرة "نجحت المرأة العراقية في العودة بقوة إلى الحياة العامة في ظل تبني قوات الائتلاف لسياسية دعم دور المراة في الحياة العامة. و تضم الحكومة العراقية الجديدة التي أعلنت في مايو 2004 ست نساء (من مجموع 33 وزيرا). وفي نيسان (أبريل) 2004 وافق مجلس الحكم المؤقت على اول قائمة لمنصب نائبة وزير وتحتل النساء سبعا من هذه المناصب. وتحتل سيدات ستة من اصل 37 مقعدا في مجلس بغداد البلدي، فيما تعمل 81 منهن في مجالس احياء ومقاطعات في محيط العاصمة، وانتخبت عراقيات كثيرات لمجالس بلدية على الأصعدة البلدية والمحلية والاقليمية في غالبية محافظات العراق.كما خصصت نسبة 25 % من مقاعد المجلس النيابي للمرأة ولكن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، زادت من هذه النسبة عندما وضعت مقابل كل مرشحين من الرجال امرأة، فأصبحت النسبة حوالي 30%".
7ـ الحرية الدينية، المعلومات المذكورة في هذا التقرير بهذا الخصوص تنقل صورة قريبة من الحقيقة المميزة التي تعيشها العراق كدولة متعددة القوميات والأديان والمذاهب ولو ان البيانات غير كاملة بصورة شاملة، فجاء في التقرير "معظم سكان العراق (97% ) مسلمون ثلثاهم من الشيعة والثلث الآخر من السنة، والباقي 3% مسيحيين ويزيديين وآشوريين.. ويكفل قانون إدارة الدولة للمواطنين العراقيين حرية الاعتقاد ومباشرة الطقوس الدينية، ويحظر التمييز بين المواطنين لأسباب عرقية أو دينية أو لغيرها من الأسباب".