قسم: الاول | قبل بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام
"الادب الملتزم"
ماذا يعني الالتزام في الادب؟
&طالب عباس
من المفيد في البداية كما اعتقد سوق بعض التحديد لوجهات النظر ازاء المفاهيم التي سوف ترد لادراك ما نحاول بثه في إطار رغبة التعاطي المعرفي لخلق تصورات مشتركة في افضل الحالات تكون مقبولة في وعي الاخر – المتلقي – او الاخرين بصورة عامة.
بدءاً فماذا نعني بدقة بقولنا: أدب ملتزم؟
أهو كل أدب يلتزم بقضايا الاسلام فقط ويتناول رموزه بشكل مباشر؟ ام هو غير ذلك؟
ان ذلك بطبيعةالحال يتوقف على الفهم لابعاد كل من الادب والالتزام على انفراد وعلى الخبرات في خزين الذاكرة، فاذا ما ابدلنا كلمة الادب في سؤالنا مثلاً بكلمة (طريق) لا يغدو للامر معنى مفهومٌ ازاء الالتزام بل يتحول ضرباً من هراء!
إذاً فإن ماهية الجواب سوف لن تكون سوى حاصل ضرب المعرفة للادب بالالتزام بالمنحى الاخلاقي، الا ان المعرفة بالضرورة تتفاوت من شخص لآخر ومن وقت لوقت لذات الفرد احياناً، لذلك فان النتائج متغيرة على الدوام بالرغم من وحدة المفهومين نتيجة اختلاف المعرفة وخصائص الشخصية، بيد ان وجود قواسم مشتركة هو الذي يحفزنا في المضي قدماً في طرح وجهة نظرنا.
بالنسبة لفهمنا للأدب باختصار شديد قد يكون مخلاً لضيق المساحة، فهو الفضاء الرحب الذي يضّم كافة النشاطات الانسانية من حركة وشعور وعاطفة وفكر شريطة تأطيرها بأسلوب خلاق عبر لغة رشيقة مفعمة بما يعيشه الانسان وما يتخيله من وجودات عائمة كالاثير وأحداث وقعت سواءٌ على الارض او فوق سطح القمر!
اما الالتزام، فإنها كلمة تطلق غالباً كصفة ايجابية على الاشياء وعلى الفكر والفن بصورة خاصة فنقول على سبيل المثال: طرحاً ملتزماً او ابداعات ملتزمة... الـخ.
ولكن في مجال الادب فقد يختلف التقييم بعض الشيء بالخصوص بشأن الايجابية بما يعنيه الالتزام من الحدود والأطر والضوابط ازاء طبيعة الادب المنفتحة على كل ما في الكون والحياة والانسان، فيتبادر الى الذهن للوهلة الاولى الاثر السلبي لتلك الصبغة التي نحاول ان نؤطر بها فضاءات الادب، وربما يعود ذلك لا لسبب بذات الالتزام الذي قد يتفق الجميع حول ابعاده العامة بقدر كمونه في كيفية التحديد لماهية الالتزام، ايّ ملتزم بماذا على وجه الدقة؟
فقد يكون ما يعدّه البعض ملتزماً لا يكون كذلك عند البعض الآخر وما يحسبه الآخر التزاماً هناك قد لا نراه كذلك هنا وهكذا.
إلا ان بالإمكان تحديد إتجاه الادب – كما اعتقد – من خلال الاهداف التي يرمي اليها الاديب ذاته بصورة عامة وهي قطعاً لصالح المسيرة الحياتية لاغنائها بالتجارب ونبل الغايات للارتقاء بمستوى وعي الانسان، فإن ايّ توجيه يعاكس في الاتجاه تلك المعطيات فانه يحيلها الى خارج اطر الادب الحقيقي وأن سميَّ تجاوزاً كذلك.
واذا ما كان للالتزام كذلك بعض المقاسات العامة وجاز لنا ترسيم خطوطه العريضة فإننا سنحددها كما يلي: الواقعية والصدق والحكمة والاخلاق بشكل رئيسي؛ ونعني بذلك واقعية الطرح والصدق في الشعور والحكمة في التصرف والاخلاق في العلاقات الانسانية.
وبناءً عليه ينبغي ان يكون مفهومنا للالتزام في الادب بأبعاده الاصطلاحية ليس سوى إحالة لما هو خارج أطره التكوينية.