قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

المواقِدُ تترا (1)
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة *رضا الخفاجي
ـ لمّا دعا وَهجُ الحرائقِ لوعتي
وإستلَّ من صمتي صَهيلَ العاصفة
ـ آليتُ أن أحبو على طُرقِ الندى
لأعُبَّ من سَهمِ السنينِ النازِفة
ـ فحَملتُ رؤيايَ التي فاضت بِها
روحي فحيَّتني القلوبُ الواجِفة
ـ ومَشيتُ دربكِ والعناءُ مكارِمٌ
أورثتَها مَجدي فأضحَت عارِفة
ـ هذا إعترافُ دمي ومثلي يُبتلى
بالصَمتِ في عُقمِ الليالي الهاتِفه!
بَعد أن غَرست آخِرَ ما تبقى من كواكبها، في قلبِ مِحنتها.. قَصَّت جدائِلَها وضَمّخَتها بأريجِ البساتينِ، ووهبتها الى الفرات... فانحدرت مع مواكب الشموع ونَشيج النِسوةِ، الممتزج بصهيلِ أحلامِها.
لاذَت طيورُ الفجيعةِ بسَماءٍ ألهبَها التذكار.. تجسَّدَ الغسقُ نهراً قدسيَّ الملامح.. توغلت الطيورُ في قلبِ النهرِ حتى تلاشت...، توحَّدت حرائق شوارِعها مع مواقِدِهاَ
إقتَحمَ هَمسٌ حادُّ الملامح صَمتَ قلبها.. فانتفَضَ مِهوالها يؤرّخُ قرابين سِفرها.
رفَعَ مِهوالها كلتا يديه الى السماء، فَتنكَّب فِتيانُها أقدارهُم!
صاحَ المِهوال: فانهمرت كُلَّ السنواتِ تَنثرُ أنفاسها الزكيّة.
وَشَهِدَ شاهدٌ من أهلِها.. إنَّ النخيلَ كانت تحتَضنُ شُهداءَها، وتدفِّئهم بسعفاتِها.. فتتراصَفُ أرواحُهُم، لتُعيدَ بناءِ سورِها.
نَشوةُ الروح، تُجذَّر حيويةِ المكان، ورؤى طفولتِهِ!
يَقينُ الروحِ.. هِيامٌ خالصٌ الصفاء.
قناديلُنا الورقيةُ، حلّقَت في ربيع العُمر وخريفِهِ..
طفولتُنا.. إلتذّت تحتَ خيمةِ ـ الدراويش ـ (2).
جَراحُ سيوفِنا إندملت بسرعةٍ مُذهِلةٍ، لكنّ تذكارَها.. لمّا يزل كأطلالِ خولةَ:
(تلوحُ كباقي الوشم في ظاهِرِ اليّدِ).
لحظةُ الموتِ.. إنتقالةٌ الى حياةٍ هائِلة!
متاعُنا: وقودُ الوصولِ الى لذّاتِها الأبديّة.
المواقِدُ تترا.. فلا يُدركها النُضوب.
... وتدفَّقتُ مأخوذاً بندائكِ، يتقافزُ قلبي قبل خُطايِ، وتحاوِلُ نَسماتُ البساتينِ الحَدَّ من لهيبِ دهشتي....
تُراودُني جموعُ الأشجارِ والنخيلِ التي إصطفّت على جانبيّ الطريق... وتُحلَّقُ فوقَ لُهاثي، أسرابٌ من الطيور!
صَدَحَت فاخِتَةٌ: مَن لِهذا التقيِّ المعمَّر بالنارِ.. مَن للبساتين، في وحشةِ الكرنفال؟!
أينَ يمضي بِهِ القلبُ؟ ماذا تُريدُ النبوءَةُ مِن دَمِهِ؟؟؟
رَدَّ سربُ الطيورِ الرماديِّ: هذا عَشيقُ التُرابِ الطهور.
إقتربَ السِربُ مِن جَسدي ليظلِّلَ سِفري.
ـ أفضي إليكِ تَوَجُّسَ السَفَر
وأهيمُ حيثُ يلوحُ لي قّدري
ـ وأعُبُّ مِن شوقِ الندى ألقاً
إذ لاحَ في عينيكِ، في سَهَري
ـ سَهَرٌ وصَمتُ الليلِ يُلهِبُهُ ـ
ويحفِّزُ التذكارَ للنُذُرِ
ـ أيُّ البروقِ سَما بِرايتنا ـ؟
حتى غدا كالنارِ، كالدُرّرِ
ـ الحُبُّ تَفضَحهُ مقاتِلُنا..
نَسمو عليهِ بِفارِقِ البَصّرِ
هوامش:
1ـ هذا النص المفتوح؛ يتوفر على أشكال الشعر الثلاثة، عمود الشعر وشعر التفعيلة وقصيدة النثر.. وهذه القصيدة واحدة من مجموعتي الشعرية ـ كربائيلو ـ التي قدمتها الى وزارة الثقافة العراقية قبل عامين والتي آمل ان تصدر قريبا وتضم (24) قصيدة.
2ـ الدراويش: هي واحدة من الخيام الشهيرة، التي كانت تنصب في صحن الإمام الحسين عليه السلام في شهري محرم وصفر.. حيث كنا صغارا نقضي اكثر أيام عاشوراء تحتها قبل خمسين عاما.