قسم: الاول | قبل بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

الحائر الحسيني .. في القلب دائماً
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة *إعداد / باسم عبد الحسين
تطلق كلمة الحائر أو الحاير، اصطلاحا على صحن سيد الشهداء عليه السلام. ولهذه الكلمة جذر لغوي، وتاريخي. جاء في (لسان العرب) في تعريف الحائر انه: (الموضع المطمئن الذي يحار فيه الماء)، وجاء أيضا بمعنى الشخص الحيران.
كان يطلق على كربلاء قديما اسم (الحير) ويعني المنطقة المرتفعة الفسيحة، حيث كانت منذ القدم موضعا لسكنى أقوام من العرب.
وتدل في المصطلح الفقهي والعبادي على ما يشتمل عليه الصحن الشريف من ضريح وأروقة ومتحف وملحقات اخرى.
وللإقامة والعبادة في حائر أبي عبد الله عليه السلام فضيلة، كما انه من جملة المواضع التي يخير فيها المسافر بين الصلاة قصرا أو تماما، وللعلماء فيها آراء مختلفة. ويرى البعض ان الحائر يشمل ما يضمه الصحن لا أكثر. ويحظى حائر الحسين بقدسية فائقة والدعاء فيه مستجاب، حتى ان بعض الأئمة كان يتوسل بحائر الإمام الحسين للشفاء؛ من جملة ذلك ان الإمام الهادي عليه السلام حينما مرض أرسل شخصا إلى حائر الإمام الحسين ليدعو له هناك، كما ويطلق على أهالي كربلاء ومن يسكن إلى جوار الصحن الشريف اسم (الحائري).
أما المناسبة التاريخية التي دعت إلى إطلاق هذا الإسم على صحن الشهداء فهي ان المتوكل العباسي لما أمر بهدم القبر ومحو آثاره وتفريق جموع الشيعة من حوله أجرى الماء على موضع القبر لتضيع معالمه تماماً، لكن الماء حينما بلغ موضع المرقد الشريف توقف وتجمع وبقي حائرا في مكانه وتراكم حول القبر حتى صار كالجدار، فيما بقيت باحة القبر جافة، ولما كان موضع تجمع الماء يسمى حائرا، فقد اتخذت باحة القبر هذا الاسم أيضا. وجاء في النصوص التاريخية ما يلي: (في هذا الموضع حار الماء لما أمر المتوكل بإطلاقه على قبر الحسين ليعفيه، فكان لا يبلغه).
وجاء في روايات تاريخية أخرى انهم لما أرادوا حرث الأرض بواسطة الثيران، حرثوا كل المنطقة المحيطة بالقبر، الا ان الثيران حينما كانت تبلغ القبر تقف ولا تتقدم.
وجاء في تاريخ الطبري: في سنة 236هـ أمر الخليفة العباسي المتوكل بهدم قبر الحسين بن علي وهدم ما حوله من المنازل والدور، وان يحرث ويبذر ويسقى موضع قبره وان يمنع الناس من إيتائه.
وذكر ان عامل صاحب الشرطة نادى في الناحية من وجدناه عند قبره بعد ثلاثة أيام بعثنا به إلى المطبق (السجن المركزي في بغداد) فهرب الناس وامتنعوا من زيارة القبر، وحرث ذلك الموضع وزرع ما حواليه، ويعلم من ذلك انه كان قد بنى حوله دوراً ومساكن وسكن الناس هناك وأقاموا منازلهم في ذلك الموضع.
وروى الشيخ الطوسي في الأمالي عن أحمد بن معمر الأسدي قال: بلغ المتوكل جعفر بن المعتصم ان أهل السواد يجتمعون بأرض نينوى لزيارة قبر الحسين عليه السلام فيجتمع عند قبره منهم خلق كثير فأنفذ قائدا من قواده وضم إليه عددا كثيفا من الجند لمنع الناس من الوصول الى قبر الحسين و زيارته والإجتماع إلى قبره. فخرج القائد إلى الطف وعمل بما أمر به وذلك في سنة 237هـ.
فثار أهل السواد - الفلاحون وأصحاب المزارع- واجتمعوا عليه وقالوا: لو قتلنا عن آخرنا، لما أمسك من بقي منا عن زيارته، فكتب بالأمر إلى المتوكل فورد كتاب المتكل إلى القائد بالكف عنهم، والمسير إلى الكوفة مظهرا ان مسيره إليها في مصالح أهلها.
فعاد الناس إلى الزيارة، ومضى على ذلك زمن حتى كانت سنة 247هـ فبلغ المتوكل أيضا عودة الناس من أهل السواد والكوفة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين عليه السلام وأنه قد كثر جمعهم وصار لهم سوق كبير وبيوت ومنازل، فأرسل قائدا في جمع كثير من الجند ونادى بمنع زيارة الحسين، ثم نبش القبر وحرث أرضه وانقطع الناس عن الزيارة، وعمد إلى تتبع آل أبي طالب والشيعة!!
وفي نفس السنة قتل المتوكل وآلت الخلافة إلى إبنه المنتصر، فعطف على آل أبي طالب وأحسن إليهم ووزع عليهم الأموال وأعاد بناء القبور في أيامه. بل انه شجع الناس على زيارة قبر الحسين عليه السلام. وأمر ببناء الحائر وبنى عمارة على القبر الشريف.