قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام
العراق يستورد مياه شرب من دول لا تملك سوى الآبار !؟
الصحة المدرسية في كربلاء بين معاناة التلاميذ وغياب المعالجات لمشكلة الصرف الصحي ومياه الشرب
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة تيسير الاسدي ـ كربلاء المقدسة:
لا يخفى على الجميع أهمية الصحة المدرسية، التي غدت مسألة مهمة وملحة تفرض نفسها على قائمة الأولويات الوطنية. ولا يخفى ايضا بأن الصحة الجيدة في المدارس هي استثمار للمستقبل، وأن برامج الصحة المدرسية أداة فعالة ومتميزة للارتقاء بصحة المجتمعات وخاصة برامج التوعية الصحية والبيئية والتي تخاطب شريحتين حساستين من مجتمعنا هما الأطفال من سن خمس الى عشر سنوات كشريحة أولى والمراهقون من سن عشر إلى ثماني عشرة كشريحة ثانية، ومراحل التطور في هاتين الشريحتين تستوجب إرساء مفاهيم وسلوكيات تؤثر في مستقبل صحتهم فالسلوك الصحي المبكر ينتج عنه وضع صحي أفضل لهاتين الشريحتين. لذا فإن الأمر ملح لوضع الأسس والبرامج التي تعزز صحة أبنائنا وبناتنا الطلاب والطالبات من خلال برنامج منظم وشامل للصحة المدرسية, للنهوض بجيل يعتمد عليه العراق الجديد في مرحلته المقبلة مما يجعله منبرا حضاريا وإشعاعا رائدا في المنطقة.
من هذا المنطلق كان لنا هذه الجولة في احدى مدارسنا الابتدائية في محافظة كربلاء المقدسة والتي تعاني من عدم وجود أي عنصر من عناصر الصحة المدرسية فيها رغم انها تحتوي على اكثر من (500) تلميذ من الذين لم تتوافر لهم ابسط المقومات الصحية، وهي المرافق الصحية وحنفيات شرب الماء، مما جعل هؤلاء الاطفال يذهبون الى المرافقات الصحية التابعة للجوامع والمراقد المقدسة او لبيوتهم من اجل قضاء حوائجهم الخاصة .
مديرة مدرسة اللاذقية الابتدائية للبنات (كواكب مصطفى آل طعمة) قالت ان: " مدرستها تحتوي على (507) تلاميذ وان المدرسة تعاني من قلة عدد الصفوف، فضلاً عن عدم وجود مرافق صحية مريحة إذ ان طفح المجاري فيها يجعل التلاميذ في حالة صعبة. فضلاً عن عدم امتلاك المدرسة الى غرفة خاصة للتدريسيين مما جعلنا نبني غرفة من الخشب بالاشتراك مع ادارة مدرسة المهدي التي تتناوب معنا في هذه البناية مبينة ان انتشار حالة مرض (الجدري المائي) المستشرية بين التلاميذ لايعود سببها الى انسداد المجاري في المدرسة،ولكنها حالة عامة بين التلاميذ في عموم المحافظة ".
من جانبها اعلنت معلمة التربية الرياضية في نفس المدرسة (جنان محيي) ان: " الصف الواحد في المدرسة يتكون من (73) تلميذا فضلاً عن قلة الصفوف وعدم وجود مرافقات صحية مما يضطر التلميذ الى عبور شارعين لكي يذهب الى قضاء حاجته في المرافقات العامة الموجودة عند مقام الامام المهدي (عجل) او يذهب الى بيته كون معظم التلاميذ هم من سكنة نفس المنطقة ". واوضحت ان" المقاول الذي استلم مشروع ترميم هذه المدرسة لم ينفذها بصورة جيدة ". واضافت (محيي) ان: " مديرية التربية في كربلاء ومجلس المحافظة على علم بهذا الامر ولكن من دون جدوى وان هذا التباطؤ بالعلاج يؤثر سلبا على وضع التلميذ صحيا ونفسيا "
وقال (علي جواد محمد) ولي امر التلميذ (مصطفى) البالغ من العمر ثماني سنوات الذي يدرس في مدرسة المهدي ان:" طفح المجاري في هذه المدرسة سبب رئيس في اصابة ولده في مرض (الجدري المائي) او مايسمى (ابو خريان) عاداً ان ما يحصل الان هو بعلم تربية كربلاء والحكومة المحلية ". فيما قالت التلميذة (رانيا محمد) في الصف السادس الابتدائي مدرسة اللاذقية ان: " مانعانيه من طفح للمجاري وغرف صغيرة وغير مطلية في مدرستنا يؤثر سلبا على نفسيتنا كتلاميذ مبينة انه حتى المعلمات اللاتي يقمن بتعليمنا لايمتلكن غرفة خاصة بهـّن ".
من جانبه اوضح مدير المركز الصحي في باب بغداد الدكتور (محمد حسين الموسوي) ان :" الصحة المدرسية التابعة لمركزنا تشرف على (13) مدرسة (ابتدائية ومتوسطة واعدادية) حيث ان من واجباتنا ان نقوم بزيارات دورية بيئية وصحية مؤكدا ان"بعض المدارس تمتنع من استقبالنا كوفد صحي وهذا مايؤثر على انسيابية العمل كون ان الاعمال التي يقوم بها الوفد الصحي هي اعمال انسانية بحتة "
وبخصوص مايجري في مدرستي المهدي واللاذقية الواقعتين قرب مقام الامام المهدي(عج) قال: "هاتان المدرستان من المدارس المزدحمة في كربلاء حيث يحتوي الصف الواحد منها مابين (60-70) تلميذا اضافة الى طفح مياه المجاري فيها وقلة الحنفيات المتخصصة للغسل والشرب اضافة الى كثرة حالات مرض (جدري الماء) حيث وصل اعداد التلاميذ المصابين بهذا المرض في تلك المدرستين الى (70) حالة مرضية عاداً ان هذا المرض من الامراض الامينة ولكنه سريع العدوى مما يؤثر سلبا على التلميذ او الطالب حيث في حالة اصابته بالمرض يعطى اجازة من الدراسة لمدة (15) يوما "
وطالب (الموسوي) بـ " تعاون مديرية التربية في كربلاء بتخصيص مبالغ لتهيئة الوسائل الصحية المريحة للتلاميذ وتصليح شبكات المجاري وزيادة اعداد الحنفيات من اجل تقديم خدمة احسن للطلبة "
هذا ويرى المختصون والمراقبون لهذا الشأن عموما، ان شبكات المياه، والصرف الصحي في عموم العراق، لاتزال ـ رغم كل مايعلن عن صرف ومخصصات ضخمة وانجاز للمشاريع ـ تعاني من تدهور واشكالات واضرار كبيرة في بناها التحتية، إضافة إلى تدني مستوى الصيانة، ما يؤدي إلى تلوث مياه الشرب وشحتها، وازدياد نسبة الأمراض، وارتفاع أسعار المياه النقية التي تثقل كاهل الأسر الفقيرة والمتوسطة الدخل، حيث تشتريها من الاسواق معبأة بزجاجات بلاستيكية مختلفة الاحجام والانواع والتي يستورد الكثير منها من بلدان مجاورة لا تملك من مصادر المياه سوى الآبار!؟.
كما انه وحسب تقرير لمنظمة اليونيسيف التابعة للامم المتحدة (لا تتم معالجة أكثر من 17 بالمائة من مياه المجاري، قبل تصريفها في الأنهار والمجاري المائية في العراق، وأن كمية المياه القادمة غير المعالجة من بغداد وحدها تكفي لملء 370 بركة سباحة أولمبية يوميا، كما أصبحت برك المياه الآسنة من المشاهد المألوفة في شمال العراق وجنوبه ما يزيد من المخاطر الصحية في المجتمعات المحلية).