قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام
في ندوة حول الدستور في مكتبه بمدينة كربلاء المقدسة
المرجع المدرسي يطالب بازالة العقبات أمام اهتمام الناس بالدستور
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة عقدت في مكتب سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي ـ دام ظله الوارف ـ صباح يوم السبت الموافق 25/6/2005، ندوة حول كتابة الدستور القادم للعراق، حضرتها مجموعة من منظمات المجتمع المدني بينهم حقوقيون واساتذة جامعات وناشطون في مجال حقوق الانسان في محافظة كربلاء المقدسة.
وقد كان هدف المجتمعين هو الاستفادة من رؤى ومنهجية المرجع المدرسي في ما يتعلق بالدستور ومستقبل العراق القانوني والحقوقي.
وكان لسماحة المرجع ـ دام ظله ـ في هذه الندوة محاضرة موسعة تناول فيها هذا الموضوع الحساس والمصيري، حيث بدأها بالاعراب عن أسفه وتذمره من ان يجد عامة الشعب العراقي منشغلين عن الدستور وموجهين اهتمامهم لحل ازماتهم ومشاكلهم اليومية، وقال سماحته: "نرى المواطن العراقي يفكر بمولدات الكهرباء ومضخات المياه والوقود، اكثر مما يفكر في الدستور وما فيه ومن سيكتبه"؟!.
وعزا سماحة المرجع ـ ذلك بالاضافة الى الأزمات المفتعلة ـ الى وجود حجب تحيل دون توجه الشعب العراقي الى الاهتمام بمصيره ومستقبله ومن تلك الحجب اولا: انعدام ثقة الجماهير العراقية بالوعود الغربية لهم بالعدالة والمساواة والحرية وما الى ذلك، فقد جربوها في العشرينيات من القرن الماضي بعد انحسار الحكم العثماني من العراق، فلم يجد الشعب العراقي آنذاك عدالة ولا مساواة في الحكم، ثانيا: عدم قيام اعضاء الجمعية الوطنية باعلان اجتماعاتها وجلساتها الخاصة بالدستور لعموم الشعب العراقي واغفاله عما يدور ـ خلف الكواليس ـ حول اهم قضية تخصه وتخص ابناءه، ثالثا: محاولات التشكيك في امكانية وضع الدستور وكتابته وصياغته في ظل وجود القوات الاجنبية، في الوقت الذي امكن فيه كتابة دساتير كثيرة في دول العالم وهي تحت الاحتلال ومنها مثلا اليابان والمانيا وافغانستان وغيرها.
وبناءا على ذلك اكد سماحة المرجع المدرسي ـ دام ظله ـ على اهمية رفع تلك الحجب وضرورة اشراك جميع ابناء الشعب العراقي واعلامه وتثقيفه بالثقافة الدستورية، اذ انها حجر الاساس لبناء العراق الجديد.
وفي جانب آخر من حديثه اشار سماحته الى حقوق الانسان في الدستور ورأي الاسلام في ذلك، موضحا ان الاسلام كرس حقوق الانسان في شخصية المسلم، مما جعله يشعر فطريا بان لكل الناس من حوله حق عليه، وان التقاليد والاداب الاسلامية تركت في نفوس ابناء الشعب العراقي اثرا بالغا من السجايا والخصال الفاضلة في التعامل وحفظ حقوق الاخرين حتى من غير المسلمين، وهذا ما نلاحظه في سلوك العراقيين في خارج البلاد.
بالاضافة الى ذلك فان التقاليد والعادات العشائرية الموجودة في العراق هي جانب من جوانب تطبيق حقوق الانسان؛ اذن فحقوق الانسان في الاسلام تحولت الى قيم واخلاقيات وممارسات عملية عند المسلمين وخاصة ابناء الشعب العراقي.
ثم تساءل سماحة المرجع المدرسي عن ماهية حقوق الانسان في الاسلام وماهي علاقتها بسائر القوانين، وقد اختصرها بكلمة واحدة وهي (الكرامة)، اي ان يعيش الانسان حياة طيبة بجسمه وروحه وبدون اي ضغوط او قيود، ويكون له الحق في الكلام وابداء الرأي والمشاركة في كل امر يتعلق به وبمصيره.
واضاف سماحته مبينا ان الدين الاسلامي يرفض اي شكل من اشكال التمييز القومي او العنصري او العاطفي او اي نوع آخر من التمييز، وقد اشار الى ذلك امير المؤمنين (ع) في قوله "الناس صنفان؛ اما اخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق" وهذه هي قمة تطبيق حقوق الانسان وبها بقيت الحضارة الاسلامية مستمرة الى يومنا هذا.
ثم دعا سماحته في جانب آخر في حديثه الى استعادة حقوق الشعب العراقي المضيعة، وقسّمها سماحته الى قسمين: الاول في الماضي حيث القتل والتعذيب والتشريد والدماء والخراب على يد النظام البائد، والثاني في الوقت الحاضر حيث الفساد الاداري المتفشي في كل مكان وسوء الحالة المعيشية وانعدام الامن والاستقرار، فلابد ان تعاد هذه الحقوق الى هذا الشعب وتحقق له الحياة الكريمة والطيبة.
بعد ذلك اجاب سماحة المرجع المدرسي ـ دام ظله ـ على الاسئلة التي وجهها اليه المشاركون في هذه الندوة وكان من ابرزها سؤال عن رأي سماحته في ان يكون الدستور القادم دستوراً مؤقتا، فأجاب: "انا افضل ان يكون دائميا بشرط ان يحظى باجماع الشعب العراقي وان يكتب بأيدٍ امينة مخلصة".
وفي معرض اجابته على هذا السؤال اشار سماحته الى ارضية الشعب العراقي وقاعدته المسلمة والحسينية، اذ انها رفضت تغلغل الثقافة البعثية وغيرها رغم طول الزمن وقسوة النظام، اذن لابد ان يحظى الدستور بموافقة هذه القاعدة الجماهيرية.
والسؤال الآخر كان حول الضمانات لتطبيق الدستور، فاجاب سماحته محددا اياها في ثلاث ضمانات:
اولا: اذا ما اريد للدستور ان يطبق لابد ان يكون مستوحىً من قيم الشعب العراقي ومبادئه وكلما كان اقرب الى الشعب كان اسهل للاجراء والتطبيق.
ثانيا: ان يكون له آلية تطبيق من نفسه قادرة على الاجراء والتنفيذ.
ثالثا: ان تكون موافقة الشعب العراقي عليه موافقة واعية وبدراية كافية.
وطرح سؤال حول قانون ادارة الدولة المؤقت الذي أعطى صلاحية لكل ثلاث محافظات مجتمعة الحق في نقض الدستور، اجاب سماحته واصفا هذا القانون بالمتخلف وغير صالح للعراق وهو اسفين التجزئة والتقسيم في العراق ولابد ان يستبدل بقانون غيره يحظى بموافقة كل الشعب العراقي.
وسأل سائل عن حقوق المرأة في الاسلام، فاجاب سماحته مؤكداً على ان للمرأة حقوقاً كثيرة في الاسلام وفي بعض الاحيان تفوق حقوق الرجل، وضرب سماحته على ذلك مثلا: هو ان الاسلام فرض على المرأة واجب التقليد حين وصولها الى سن البلوغ وعادة ما يكون ذلك قبل الرجل.
والتقليد يعني اختيار المرجعية اي القيادة، ومعنى ذلك ان الاسلام اعطى المرأة حق انتخاب القيادة قبل الرجل وهذا ما لم نجده في اي من قوانين العالم.
والسؤال الاخر كان عن حقوق الاقليات الدينية في الاسلام، اجاب عنه سماحته داعيا الاقليات الى التصريح والكتابة بما يريدون ويطمحون اليه، فانه سيتحقق لهم بكل دقة، منوها بذلك بأن حقوقهم مصانة ومحفوظة في ظل الاسلام، بل واكد سماحته لهم بالقول: "سنعطي للاقليات الدينية في العراق حقوقا اكثر مما تعطيه الادارة الامريكية للمسيحيين في امريكا".