قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام
تحت الضوء
لمن الحرب ولمن السياسة؟!
في تقييم الاداء السياسي في المؤسسة الحاكمة يبدو الفارق كبيراً بين أن يمثل نائب في الجمعية الوطنية البلد باكمله في زيارة خارجية للتباحث بشأن قضية مصيرية وخطيرة مثل الامن، وبين ان تقوم وزارة بحجم الداخلية وبعد طول عناء وتخطيط بإلقاء القبض على ضابط شرطة وذلك من خلال استدراجه الى مبنى الوزارة تفادياً للضجيج الاعلامي والصخب السياسي!
طبعا ليس من حق أحد التقليل من شأن العمليات العسكرية الامنية التي تقوم بها قوات وزارة الداخلية تحت مسميات مختلفة بهدف تشتيت صفوف الجماعات الارهابية والقضاء على اوكارها وهي في هذا الطريق تقدم التضحيات الجسام، ولاشك بان ذلك يمثل القمة في اداء الواجب، لكن هذا لا يعني ان تتحول وزارة الداخلية برمتها وفي أعين الناس الى آلة حرب، فهي معنية بالشؤون الاجتماعية والقانونية وأمور كثيرة تهم المواطنين.
لذا فمن حق الجميع التساؤل عن سبب إحجام وزارة الداخلية أو أية جهة حكومية اخرى عن التصدي لفكرة الحوار مع الجماعات المسلحة وتبني نائب في الجمعية الوطنية هذه القضية.
أما القول بأن اياد علاوي كان سابقاً رئيسا للحكومة، فهذا أمر غير ذات اهمية في النظم الديمقراطية، ويزداد التساؤل إلحاحاً مع تزامن زيارة علاوي لمصر وسوريا وحديثه بشأن الحوار مع الجماعات المسلحة مع ما كشف عنه المسؤولون الامريكيون من وجود اتصالات مع تلك الجماعات.
فهل يا ترى ان من اختصاص الداخلية أو الحكومة التي يمكن القول أنها تمثل اغلبية ابناء الشعب هو خوض المعارك والمواجهات الساخنة؟، واين البناء والاعمار؟.. واين الارث الثقافي والحضاري للعراق؟؛ من المعروف والمؤكد ان اعادة البناء في العراق هو ليس فقط بناء السقوف والجدران، وانما بناء الانسان والمجتمع والحضارة في عراق الحضارات، وهو ليس شأناً امريكيا بالمرة، وانما هو شأن عراقي.
فاذا كانت فترة العامين الماضيين قد طوتنا بعد الاطاحة بصدام ولم نتمكن خلالها من رسم منهجية واضحة لاعادة البناء الشامل نتيجة التراكمات النفسية على مدى العقود الماضية، فانه من غير المقبول منا الاستمرار في دوامة الماضي وانما التفكير بامانة ومسؤولية، ولا ننسى ان الجماعات المسلحة بمختلف توجهاتها ومنذ الاطاحة بصدام كانت ترفع على الدوام شعارات وطنية، الامر الذي يحتم علينا ليس فقط رفع وتبني الوطنية وانما استيعاب محبي الوطن والانسانية على طريق البناء وليس الحرب والمواجهة التي من شأنها الاستنزاف و الحراب.
* محمد علي جواد