قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام
افتتـــــاحية
(الثورات العربية) في الشعر العراقي
*محمد طاهر محمد
ان اول ما يتبادر الى ذهن القارئ المتتبع للشعر العراقي الحديث في ظل الانتفاضات الجماهيرية في بلادنا، متابعته لجميع الاحداث التي تقع في العالم وخاصة العالم الاسلامي وقضايا الامة الاسلامة وتغطية وقائعها والتعبير عنها بصورة تميّزه عن باقي الشعر في الدول الاخرى. فقد واكب الشعراء العراقيون الثورات والانتفاضات والحركات السياسية والاجتماعية والفكرية وعبروا عن مشاركتهم الشعوب المستضعفة آلامها وعذاباتها ودافعوا عن قضاياها وطموحاتها وحقوقها المشروعة في الحرية والاستقلال.
وقد حرص الشاعر العراقي أشد الحرص على الالتزام بمواضيع كهذه ووقف عندها وقفة طويلة، تجلّت في الكم الهائل للشعراء العراقيين الذين تبلورت فيهم القيم الاسلامية وتوحدت عندهم الخصائص الانسانية. وتاريخنا الشعري يزخر بالكثير من الاسماء الكبيرة فلا تجد شاعراً عراقياً لم يعالج في شعره قضايا الامة ولم يقف عند أحداثها وابرز هؤلاء محسن ابو الحب ومحمد حسن ابو المحاسن ومحمد صالح بحر العلوم وأبراهيم الوائلي ومحمد علي اليعقوبي وعلي الشرقي واحمد الصافي النجفي والجواهري وغيرهم الكثير.
ونود الاشارة بهذا الصدد الى الشعر العراقي الذي قيل في الثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي، وعندما جُمع كان مجلداً ضخماً لا اتصور أن شعراً بنفس المضمون يضاهيه في باقي الدول.
والفكرة التي نود الاشارة اليها هي ان تاريخ العراق الحديث يزخر بالثورات والانتفاضات منذ ثورة العشرين الى الانتفاضة الشعبانية المباركة وحتى سقوط النظام البائد ولكني لم اجد من الشعراء العرب من ابدى في شعره تعبيراً عنها او الوقوف عليها وشعوره تجاهها. واتمنى ان أكون مخطئاً...! فالنظام السابق كان يستخدم وسائل التعتيم على كل كلمة تخرج ضده فضلاً عن حظره وسائل الاتصال المتاحة اليوم، ولكنني أجد ما يؤيد رأيي في قصيدة الجواهري الرائية التي القاها في مصر بحضور طه حسين والتي يقول في مطلعها:
يامصر تستبق الدهور وتعثرُ
ـــ العجزـــ
والنيل يزخر والمسلّة تزهرُ
وهي قصيدة طولية جداً استعرض فيها تاريخ مصر من خلال لوحات معبرة ودقيقة تكاد تخفى حتى على المستمعين من المصريين ثم يوجه عتاباً الى المثقفين والشعراء المصريين في عدم تبادلهم لنفس الشاعر العراقي فيقول:
وهنا بمصر يكاد يسأل أهلها
ويكاد يجهل ان بغداداً بها
ـــ العجزـــ
هل في العراق أعاجمٌ أم بربرُ
كانت يد الدنيا تطولُ وتقصرُ
!!!!!!!