قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

الزيارة الأربعينية بين الخسارة والربح الاقتصادي
حيدر الزركاني
ما إن انتهت الزيارة الأربعينية في كربلاء حتى تبارى المسؤولون في الحكومة المحلية للمطالبة بتخصيصات مالية إضافية من الحكومة المركزية.و الغريب الإعلان عن خسائر مادية كبيرة سببتها الزيارة المليونية للمحافظة كما أعلن السيد محافظ كربلاء الذي قال ان المحافظة تكبدت خسائر تقدر بـ(100 ) مليار دينار ، مطالباً الحكومة الاتحادية بضرورة تعويض المحافظة عن هذه الأضرار التي حصلت خلال الزيارة الأربعينية .موضحا " ان قيام بعض أصحاب المواكب بقلع المقرنص وحفر الشوارع ورمي النفايات الصلبة في مجاري المياه أثر سلباً على البنى التحتية للمدينة." فضلا عن" أنهيار الشبكة الكهربائية نتيجة الاستخدام المفرط والعشوائي للكهرباء" بحسب تصريحات المحافظ .
ورغم قناعتي بأن التقديرات الأولية التي أعلن عنها السيد محافظة كربلاء مبالغ فيها كثيرا .لا انه لابد الإشارة هنا إلى جملة من الحقائق التي ربما كانت غائبة عن حسابات السادة المسئولين في المحافظة مادمنا نتحدث عن الجانب الاقتصادي في الزيارة مع إقرارنا بضرورة العمل على إشاعة ثقافة النظافة و الحفاظ على المال العام خلال هذه الزيارات .
ان كثير من المدن في العالم تبذل جهود جبارة للترويج لمعالمها الدينية والسياحية لجذب 10% من عدد الزوار الذين يدخلون كربلاء في أيام المناسبات الدينية خلال سنة او موسم وتسعى لتحقيق الإرباح المادية والمعنوية منها ، وفق خطط مدروسة واستعدادات منظمة تحقق هذه الارباح ،لتعلن عنها نهاية الموسم بهدف جذب المستثمرين استعدادا للموسم القادم .وربما تكون تلك الإيرادات والأرباح موردا أساسيا أو وحيدا في تلك المدينة .
إما مدننا المقدسة في العراق وخاصة كربلاء تتمتع بما يعرف اقتصاديا ب(الميزة الاحتكارية) التي تتيح جذب مئات الآلاف من الوافدين المحليين والأجانب إليها دون عناء . من خلال وجود العتبات المقدسة والمناسبات الدينية المرتبطة بها والتي تتوزع على اشهر السنة . تجعل الزائر يحج إليها وينفق من اجل ادائها .
وخلال الزيارة الأربعينية هذا العام بلغ عدد الزوار العراقيين أكثر من 16 مليون زائر،فيما وصل عدد الزوار العرب والأجانب أكثر من 300 إلف زائر بحسب أرقام المحافظة .التي تسعى لادراج هذه الارقام ضمن موسوعة غينس . وبعملية حساب بسيطة ، وبافتراض ان كل زائر عراقي دخل كربلاء انفق خلال زيارته ما مقداره 5000 دينار فقط فأن مجموع الدخل المتحقق للمحافظة خلال الزيارة هو 80000000000 دينار عراقي . ولو ان الزائر العربي والأجنبي انفق خلال الزيارة في كربلاء 100 دولار فقط فأن مجموع الإيرادات سيكون 3000000 دولار . ومن الطبيعي إن ينفق كل زائر مبالغ اكبر مما افترضنا . وهذا يعني ان إيرادات محافظة كربلاء خلال الزيارة كانت مبالغ كبيرة جدا تفوق ما يمكن ان يستهلكه الزائر من الخدمات العامة . والتي غالبا ما تنحصر بالنظافة والصرف الصحي والتي تقع ضمن اختصاص الحكومة المحلية إذا ما علمنا إن الطرق تغلق عند مداخل المدن خلال الزيارة . فيما أعلنت وزارة الكهرباء عن خطة مركزية لإنجاح عمل شبكتها. في ما تكفل متطوعون بالعديد من الخدمات الأخرى . وهنا نستثني الجانب الأمني أيضا.
ان الفشل في التخطيط وعدم القدرة على إدارة الموارد المتحققة من الزيارة وتوجيهها باتجاه تنمية اقتصاد المدينة فضلا عن استثمارها للترويج وجذب الاستثمارات الكبيرة التي تساعد على بناء المدينة بالصورة تليق برمزيتها ومكانتها . فضلا عن عقلية الاعتماد على المركز وعدم التمكن من الإدارة الذاتية يجعل المسؤولين في المحافظة يعلنون عن تكبد الخسائر والشكوى بدل الإعلان عن الإرباح المحتملة والعمل على جذب المستثمرين الى المدينة