قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام
المقال الافتتاحي
الأدب بين الأصالة والتشويه
محمد طاهر محمد
يبدو أنه لا بد من وضع حدٍّ فاصل يميز بين ما يمكن أن نسميه بالتعبير الأدبي الذي يضم بين طياته الخصائص الفنية المتصلة بالأدب وبين التعبير اللقيط الذي ينسب الى الأدب ظلماً وافتراءً.
ومن البديهي أن نقول: أنه ليست كل كتابة في مواضيع الأدب تعد أدباً وليس كل تعبير يعد تعبيراً أدبياً، فاذا أردنا أن نتفحص قيمة التعبير الأدبي نجد أن الكاتب أو الأديب بشكل عام قد تصدى اليوم لأعمال أدبية نتيجة وسائل العصر الحديث لم تكن تدخل ضمن اظار مهمته في الماضي فبعد أن كان الأدب ينتقل عن طريق الكتاب من جيل الى جيل، أصبح اليوم ينتقل الى الناس عن طريق كتاب الحوار في الدراما والسيناريو في الفيلم ويتجسد حيّاً في الإذاعة والتلفزيون من خلال البرامج واللقاءات الأدبية والثقافية التي تبث عبر القنوات الفضائية كما أن للأنترنيت الدور الأكبر في انتشار التعبير الأدبي بمختلف أساليبه.
والتعبير الأدبي يفرض نفسه في الكتابات الأدبية التي تبحث في موضوعات الوعي الاجتماعي في الفلسفة والدين والعلوم والفنون والاخلاق والايديولوجيات المختلفة سواء طرح هذا الموضوع في شريط أو برنامج أو مسرحية أو شعر أو نثر.
وهكذا تعددت القضايا داخل فن الأدب وتعددت جوانبه واختلفت جمالياته، وما نريد أن نقرره الآن هو أن وسائل انتشار الأدب اصبحت أسهل بكثير من السابق ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل كانت هذه الوسائل مساعدة لعملية التطوير في الأدب في استخدامنا لها؟ وهل حافظت هذه الوسائل على الأصالة في الأدب؟
قبل أن نجيب على هذين السؤالين نجد من الطبيعي والمؤكد أن نقول أن هذه الوسائل والتقنيات الحديثة هي خير وسيلة لعملية الارتقاء والحداثة الاصيلة للأديب في ايصال صوته وابداعه عبرهما الى جمهور أوسع وخلال فترة زمنية أقل ولكن الكثير من ادبائنا يحاول أن يقلص المسافات بينه وبين عالم لا تربطه به أية صلة عن طريق كلمات هابطة وصور مبتذلة أحاطها بالغموض والضبابية لعله يحظى بكلمة (حداثوي) عبر قصيدة النثر التي حاكى بها قصيدة الغرب، فهو لا يدري أن ما يقدمه من هذه السفاسف ما هو إلا وصمة في جبين الأدب العربي واعطاء صورة مشوهة للأدب العربي الذي هو أبعد ما يكون عنه.
إن ما يقدمه هؤلاء ما هو إلا خطر يهدد الأدب الأصيل ورغم أن الأدب الاصيل لا يعترف بكلمات باهتة كهذه وصور مهشمة إلا أن تقديمه للعالم على أنه من ضمن فنون الأدب العربي يعطي صورة سيئة عن الأدب العربي.