قسم: الاول | قبل بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام
من معاجز القرآن الكريم
الزواج مودّة ورحمة
*زكي الناصر
إنها دراسة جديدة، تصطف الى دراسات وبحوث أكدت فوائد الزواج على الجانب النفسي والعاطفي للرجل والمرأة على السواء، وهذا يقودنا بالضرورة الى حقيقة غائبة عنّا – للأسف- وهي إن أي مشكلة و أزمة تندلع في البيت يجب أن نعدها بالحقيقة تناقضاً وتعارضاً مع التقرير الإلهي لنا حيث قال ربنا تعالى في كتابه المجيد: "وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" (الروم/ 21).
وفي دراسة حديثة في الغرب وليس في بلادنا، أجريت على 34500 شخص تبين أن الزواج يساعد على الاستقرار النفسي، ويخفض من احتمال الإصابة بالاكتئاب. وارتكزت الدراسة على مسح لمنظمة الصحة العالمية للصحة النفسية في جميع البلدان النامية والمتقدمة، أجري على مدى العقد الماضي.
ويقول أخصائي علم النفس السريري كيت سكوت من جامعة (أوتاغو) في نيوزيلندا: ما تشير إليه دراستنا أن رابط الزوجية يوفر الكثير من الفوائد للصحة النفسية لكل من الرجل والمرأة، ان الأسى والاضطراب المرتبطة بالانفصال يمكن أن تجعل الناس عرضة للاضطرابات العقلية.
وتؤكد هذه الدراسة جملة أبحاث سابقة بأن الزواج يعزز صحة الرجل وأيضاً المرأة، بالإشارة إلى أن الطلاق قد يؤدي لانتكاسات صحية، من الإصابة بأمراض القلب وحتى السرطان.
هذه الأبحاث والدرسات تأتي لتؤكد ما أقره وشرعه الإسلام قبل أربعة عشر قرناً من الزمن، وخلاله عاشت المجتمعات الاسلامية في ظل تقدم حضاري في مراحل من حياتها، بسبب التماسك الاجتماعي والنجاح الهائل في العلاقات الأسرية، ومن علائم ودلائل ذلك، أننا نقرأ ظهور أسماء لناجحين كبار في جميع المجالات من اللغة والأدب وعلوم الفلك والرياضيات والفقه والكيمياء وعلوم ومجالات أخرى.
بينما نجد الشعوب والأمم التي لم تكن لتتعرف على هذا القانون والمنحة الإلهية، لم تخرج سوى المجرمين والمتخلفين والطامحين للسلطة والمتعطشين للدماء، والمثير حقاً أن نجد بعض الأصوات من عالم الغرب تدعو اليوم الى التحلل من الالتزامات الدينية وكسر حواجز الأسرة بداعي (الحرية الفردية)، بل تقدموا في هذا الخطاب المشبوه خطوات بعيدة، وباتوا اليوم يتجرأون أمام العالم بتشريع قانون يبيح الزواج المثليين في بعض الدول الغربية، وهو عملٌ لا تألفه الحيوانات والطيور التي تعيش بيننا وحتى التي تعيش في الغابات، فهل تقدم البشر خطوة على الحيوان؟!
ومن الجدير التدبّر في الحقيقة في هذه الآية الكريمة التي تعالج أهم قضية تشغل بال العالم اليوم، وهي الصحة النفسية، فالاستقرار النفسي والراحة والسكينة هل يمكن تحقيقها بغير وجود المودّة والحبّ الذي يتبادله الزوج والزوجة؟
إن إشارة القرآن الكريم واضحة في هذا المجال، إذ ان قمة المودّة والرحمة التي طالما يبحث عنها الانسان في حياته اليومية، لا تتحصل إلا بقمة الحب والمودّة التي لاتتحصل هي الأخرى إلا تحت سقف واحد يجمع الزوج بزوجته ضمن علاقات شرعية تؤطرها الالتزامات والواجبات التي تضمن سلامة وديمومة هذه العلاقة الحميمة والتي يبارك فيها الله تعالى ورسوله والأئمة المعصومون (صلوات الله عليهم).