قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

القنوات الشيعية.. الدور المطلوب والطموح في نشر ثقافة أهل البيت (ع)
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة تحقيق: نزار علي
لا يختلف اثنان اليوم على ما للاعلام المرئي من دورٍ بارز وفاعل في صنع الحدث والتأثير فيه، وأيضاً في نقل الحقائق والافكار والترويج لها نظراً لسهولة الوسيلة الاعلامية وهي جهاز التلفاز الذي بامكانه أن يضع المشاهد وهو جالس في بيته أمام مئات القنوات الفضائية المتنوعة.
وفي العراق الذي يشهد تنافساً محموماً في أكثر الأحيان على نشر الافكار والثقافات عبر وسائل الاعلام، نجد للقنوات الفضائية الدور المهم والبارز في هذا المضمار، ومن أجل أن يكون للحق صوته و وجوده الراسخ في الساحة، كان لابد من ظهور عدد من الفضائيات الملتزمة بالقيم والمبادئ الاخلاقية والدينية، فيما تُعرف بالقنوات الشيعية، وهي اليوم أكثر من عشر قنوات تبث على أقمار متعددة تغطي البلاد الاسلامية وبعض البلاد الأوربية.
وخلال الفترة الماضية نهضت هذه القنوات بالدور الأساسي الملقاة على عاتقها في نقل منهج أهل البيت (عليهم السلام) وفكرهم ومنها القضية الحسينية، ضمن برامج معدّة أو بتغطية على الهواء مباشرة في شهري محرم الحرام وصفر الخير. لكن تبقى مسألة التنافس القائم على أشده في ميدان الاعلام المرئي شاغلة العاملين والقائمين على هذه القنوات الفتية ذات العمق الثقافي والحضاري، فهي حتى الآن لم تحسم التنافس لصالحها، نظراً لوجود الكم الهائل من القنوات غير الملتزمة، وأيضاً القنوات الموجهة لخدمة أغراض طائفية وسياسية معروفة، وهي تحظى بدعم مالي ضخم وتضخ أفكارها وثقافتها لمواجهة الثقافة الاسلامية الأصيلة التي أرسى دعائمها أهل بيت رسول الله (ص)، واليوم نجد إن لهذه الموجة الاعلامية متابعين ومتاثرين على نطاق واسع لاسيما في شريحة الشباب الكبيرة، وهذا بحاجة الى وقفة تأمل واعتبار ثم ايجاد الحلول لتجاوز هذه المشكلة.
ومن أجل ذلك أجرت (الهدى) هذه الجولة الاعلامية على عدد من الإعلاميين ومدراء مكاتب القنوات الفضائية في محافظة كربلاء المقدسة، تقصّياً عن دور القنوات الفضائية الشيعية في نقل فكر وعقيدة أهل البيت (عليهم السلام) وترسيخها لدى المتلقين في كل أنحاء العالم، يشير الإعلامي (صباح جاسم) إلى إنه بالرغم من اعتماد القنوات الشيعية التي ظهرت خلال العهد الأخير على الطرح المنهجي المعتاد للفكر الشيعي دون تحديث في الأساليب والتقنيات، إلا إن تعدد هذه القنوات وتشعب اختصاصاتها وخاصة تلك التي ظهرت في العراق بعد عام 2003 يبشر بخير من ناحية إن البلد مقبل على انفتاح غير مسبوق في نواحي الحرية وكذلك التكنولوجيا الحديثة فضلاً عن تنامي مؤهلات أتباع أهل البيت العلمية والثقافية والتي سينتج عنها بطبيعة الحال أفكار جديدة تسهم في تحديث طرح مبادئ النهضة الحسينية كي تكون أكثر إقناعاً ودلالات وانفتاح.
ويضيف جاسم: بطبيعة الحال نجد إن الالتزام بالإطار الديني من قبل القنوات الشيعية يخلق منهجية محافظة في طرح المواد الإعلامية إلا أنها يجب أن تتطور باستمرار في مواجهة الكم الهائل من الإعلام العربي وقنواته الفضائية التي تعتمد على الانفتاح والحرية وعدم الالتزام بكثير من القيم الاخلاقية فباتت تشكل خطراً حقيقياً على المجتمع العربي والإسلامي عموماً، حيث نجد اليوم هذه القنوات تعجّ بالأفلام والمسلسلات المدبلجة ذات المضامين الهدّامة لكيان الأسرة، وتروج للتحلل الأخلاقي.
من جانبه يوضّح السيد (ياسر الحيدري) معاون المدير العام لقناة (الفرات) الفضائية، إن لكل وسيلة إعلامية منهجاً خاصاً في نشر برامجها السياسية أو الدينية، وأصبحت القنوات الفضائية من الوسائل الإعلامية ذات الدور الكبير في نشر الأحداث الجارية في العالم، ومنها ما تستخدم في نشر الأفكار المنحرفة المراد منها تهديم بنية المجتمع، لذا يتطلب من قنواتنا الشيعية الحرص على تقوية برامجها وتحديث أساليبها للدخول إلى عقل وقلب المتلقي وإلا لن يكون ثمة داعي لوجودها.
أما (محمد رضا) مراسل قناة (كربلاء) الفضائية فيرى إن القنوات الشيعية مميزة من حيث الخطاب الإعلامي والاستقلالية في الطرح، ونتيجة لذلك ارتفع عدد المشاهدين لها من العراق والدول العربية لكونها بعيدة عن الميول والاتجاهات الخاصة، كما وإنها شكّلت طفرة نوعية لإيصال المنهج الإسلامي الصحيح إلى المتلقي العربي والغربي ونستطيع أن نقول بأن إعلام الفضائيات الشيعية إعلام ناجح نتمنى له الرقيّ والتطوّر.
وحول دور الفضائيات الشيعية في نقل الشعائر الحسينية والفعاليات الأخرى التي تجري في شهري محرم وصفر وحيويتها في التأثير على المتلقي خاصة في الدول الغربية، يقول المواطن (حسام كريم): إن القنوات الشيعية تفرّدت في نقل الشعائر الحسينية واستطاعت أن تنقل الصورة الواضحة عن مدينة كربلاء المقدسة وكيف تحتضن خلال عشرة أيام متواصلة الزائرين الذي زحفوا إليها مشياً على الأقدام، وبذلك شكّلت القنوات الفضائية نقطة مهمة في نقل يوم عاشوراء الأليم ويوم الأربعين المليوني.
ويتابع حديثه: إن الفضائيات الشيعية التي تقارب الخمسة عشر قناة لا تزال فتية وحديثة التأسيس وتحتاج إلى طاقم إعلامي متخصص وجدير بالتصدّي للغزوات الثقافية والفكرية للقنوات الكثيرة ذات المنهج المنحرف الذي يحاول أن يزرع مفاهيم ومفردات دخيلة على المجتمع، ثم يبعده تماماً عن الدين والمذهب.
أما المواطن (بهاء الدين علاء) في حديثه لمراسلنا، بأن القنوات الشيعية لا تزال دون المستوى الذي يُطمح أن تكون عليه، فهي تسعى إلى إبراز القضية الحسينية وبثها للناس ومتابعة الفعاليات والممارسات الدينية على مدى الساعة خاصة في زيارتي عاشوراء والأربعين، لكن المشكلة في قلّة المهنية في طرح المواضيع وتكرار طرح القضايا الدينية والعقائدية وبالتالي يصبح المتلقي أمام كم هائل من القنوات الفضائية التي تبثّ إليه نفس المعلومة وبنفس الطريقة ولا جديد في الأمر، فأين الإبداع وأين الحزم على نشر الثقافة الحسينية؟ فلابد من أن نبدع و نطوّر من قابليتنا الإعلامية والمهنية.
أما المواطنة (رواء رياض) فتجد أن تغطية الفضائيات الشيعية للشعائر الحسينية لم تكن بصورة متكاملة وقد سلّطت الضوء على شعيرة أو اثنين وتركت الفعاليات الأخرى والخدمات التي قدّمت للزائرين وبالتالي كان التأثير قليلاً على المتلقين.
وتضيف: للمنبر الحسيني تأثير كبير من خلال القنوات الفضائية في ازدياد أعداد الزائرين في كل عام، وتقول: إن نقل الفضائيات الشيعية للمحاضرات الدينية التي تقام بكربلاء في داخل العتبات المقدسة والحوزات الشريفة شكلت مادة إعلامية تتميز بها هذه القنوات التي تركز في عملها على بناء الثقافة الإسلامية وترسيخها باشكال متعددة من خلال عرضها للعديد من البرامج ولا اخفي اعجابي الشديد بهذه القنوات وبرامجها القيمة معربةً في نفس الوقت عن أملها في أن يخصص العاملون على القنوات الشيعية مساحات وبرامج خاصة للمرأة، باعداد برامج تتضمن التوعية والتثقيف في المجالات كافة لمواجهة التحديات الصعبة ومشكلات العصر، وما يجسد مفاهيم أهل البيت (عليهم السلام) في برامج حياتها اليومية، فضلاً عن اعطاء الأهمية لشريحة الشباب التي تمثل الطليعة الأولى في بناء المستقبل.
وإلى ذلك يبيّن (ثائر الموسوي) مراسل قناة (المسار)، إن كل قضية تغطى إعلامياً لها اثر بالغ عندما تبث إلى العالم بصورة مباشرة وإن الفعاليات التي تجري خلال الزيارات المليونية والمناسبات المختلفة تترك أثرها على قلب وعقل المتلقي ومن ثم ستعمل القنوات الفضائية على ترسيخ القضية الحسينية لدى المتلقي الشيعي وأي شخص ينتمي إلى طائفة أو ديانة معينة، والطموح هو أن يصبح العالم كله تحت راية الإسلام ويجتمع تحت خيمة الإمام الحسين (عليه السلام)، وقنواتنا الشيعية لو تطورت لتحقق هذا الأمر.
ويتابع حديثه: بالتأكيد إن التغطية الإعلامية تعطي دافعاً لكل من يشاهد الحشود المليونية المتجهة صوب كربلاء المقدسة، فيأخذه الشوق ويندفع للزيارة فضلا عن إن الفضائيات تعطي انطباعا آخر حيث إن هناك في بعض الدول أناساً لا يستطيعون المجيء إلى كربلاء كونهم مرضى أو كبار في السن فنقل هذه الزيارة وبشكل مباشر تعطي للمتلقي البعيد متابعة لما يجري في كربلاء المقدسة.
وعن المقترحات الواجب اتخاذها لتطوير عمل الفضائيات الشيعية وتقويتها للتصدّي للغزوات الشرسة التي تشنها بعض الفضائيات غير الملتزمة بالأعراف والتقاليد والتعاليم الدينية يجيب الخطيب الحسيني (رائد الحسناوي) في تصريحه لـ (الهدى): بأن على القنوات الشيعية التي تهدف إلى نشر الثقافة الإسلامية والفكر المحمدي لابدّ وأن تقوي من طرحها الإعلامي وأن تضع منهاجاً قويّاً تستطيع من خلاله إيصال تلك الأفكار الصحيحة إلى المتلقّي وتشمل جميع شرائح المجتمع بدءاً من الطفل الصغير وصولاً إلى الشرائح الأخرى.
ويحدد الخطيب الحسناوي عدة خطوات على القنوات الشيعية اتباعها في هذا الطريق:
1- تكون هادفة في برامجها التي تطرحها يومياً وأن تكون الحقيقة والمصداقية أساس عملها.
2ـ أن تعمل على تجديد طريقة الطرح وتخصيص الساعات الأكثر لنشر مفاهيم أهل البيت (عليهم السلام)، أما عن طريق برنامج حواري أو فلم وثائقي أو ما أشبه ذلك.
3 ـ نقل المحاضرات الدينية يومياً والتركيز على المحاضرات القيّمة لعمداء المنبر الحسيني.
4ـ أن تكون حلقة وصل بين المرجعية الدينية وأتباع أهل البيت (ع) وبخاصة البعيدين في دول العالم.
5 ـ تقديم برامج اجتماعية و ثقافية و رياضية وإخبارية، وأن تكون ذات مصداقية عالية وهادفة وملتزمة، وعدم تجيير هذه الوسيلة العظيمة إلى أهداف جهة معينة وإلا تفشل القناة وتنحسر أمام القنوات الضالّة.
هذه الأفكار والاقتراحات وغيرها كثير، من شأنها أن تضع النقاط على الحروف وتكشف مواقع الخلل ونقاط الضعف على أمل ازالتها وتجاوزها نحو أداء أفضل وأقوى في الساحة الاعلامية المرئية، لكن تبقى القضية ألأهم في التطبيق على صعيد الواقع، وإلا فان حديث من هذا القبيل يبقى أمراً نظرياً، الأمر الذي يتوجب على مسؤولي القنوات الشيعية الأخذ بنظر الاعتبار كل اقتراح وفكرة من شأنها تطوير الأداء التلفزيوني والخطاب الاعلامي وتطبيقه إن كانت حقاً جديرة بالتنفيذ ومنسجمة مع أصول المهنة.