قسم: الاول | قبل بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

التدبر في القرآن الكريم خطواته وآلياته - 5
الخطوات الأساسية
بعد ان بينا في الحلقات السابقة اهمية التدبر و الاجابة عن الشبهات التي تقف امام المتدبر وكذلك بيان صفات المتدبر في القران الكريم، نلقي الضوء في هذه الحلقة على الخطوات الاساسية التي ينبغي ان ينتبه اليها من اراد التدبر في القران الكريم.
والخطوات التي سوف نتحدث عنها هي باختصار: (اللغة، السياق، التفسير) وسوف نتحدث في هذا العدد عن اللغة بشيء من التفصيل ونؤجل الحديث عن السياق والتفسير في الاعداد القادمة انشاء الله تعالى.
اللغة..
ان فهم لغة القران الكريم بما تحمله من اشارات و لطائف البيان دور اساسي في امكانية فهم مراد الاية الكريمة، فبالرغم من ان الانسان الحالي يتحدث باللغة العربية، الا ان لغة الرجل العربي اليوم ابتعدت عن اللغة العربية الاصيلة التي نزل بها القران الكريم.
و هذا الامر جعل لغة القرآن الكريم ينتابها بعض الغموض، وهذا الامر بدوره يجعل فهم الانسان فهماً سطحياً و ربما مغلوطاً في بعض الاحيان، فاذا سئل احدنا عن الفرق بين كلمتي ( سار ، وسارب) ربما لا يميز بينهما، او الفرق بين كلمتي ( قرب ، واقترب)، وربما يستعمل هذه الكلمة بدلاً عن تلك.
والسؤال ما السبب في ذلك؟
يجيب المرجع المدرسي على هذا التساؤل قائلاً:
اولاً: كثرة استعمال الألفاظ في غير معانيها الأدبية، فحينما يستعمل العربي كلمة (قرب) في المجال المحدد لـ (اقترب) او حتى كلمة (سار) في موضع كلمة (سارب)، تختلط ظلال الكلمتين مع بعضهما، وتضيع الايحاءات الخاصة.
ثانياً: تعلقت اذهاننا بمعاني جامدة ومحددة لألفاظ عربية، وفقدنا الشعور بمحور شعاع الكلمة، نحن حينما نستعمل كلمة (جن) يتبادر الى اذهاننا المخلوق الغريب ، دون ان نفكر ولا لحظة حول ارتباط كلمة (ج ن ن) مع هذا المخلوق، ونستعمل كلمة (جنين) دون ان نعرف ان هناك علاقة تناسب مع معنى الولد في بطن امه (جنين) ومعنى المخلوق الغريب (جن)، وهي ان كليهما مستور عن اعين الناس.
وكذلك نطلق لفظة الخمر للدلالة على السائل المسكر ، ونطلق لفظة الخمار للدلالة على الساتر لوجه المرأة ، ولا نلاحظ ان علاقة اللفظين ببعضهما إنما هي من ناحية الستر، فهذا يستر الوجه، وتلك تستر العقل.
وهكذا تتداخل إيحاءات اللفظ العربي ببعضه، فنفقد بذلك فهم اهم سمة من سمات اللغة العربية التي لو فهمناها لَسَهل علينا فهم القرآن كثيراً.)1
و لكن ذلك لا يعني ان نبقي الامر على ما هو عليه، ولا نتقرب الى كلمات القران الكريم، انما ينبغي على من اراد فهم الكلمات التالي:
1- الانطلاق من قيود المجتمع الذي يجمد معنى الكلمة، ويؤطر معناها ضمن اطار ضيق ، الامر الذي يضيع جمالية الكلمة.
2- و في الخطوة الثانية ينبغي الرجوع الى المادة الاساسية للكلمة ليمكن الحصول على ظلال الكلمة من خلال تصريفاتها ، ويضرب سماحة المرجع المدرسي على ذلك مثالاً قائلاً: ( فمثلاً نجمع معاني يعرشون؛ عرشاً معروشات، ونعود الى تصريفات اللفظ الاخرى؛ عريش، وعرش وما اشبه.. لنستنبط منها جميعاً معنى البناء الفوقي، لأنه يجمع معاني سرير الملك والبناء المرفوع وسيباط الكرم والخيمة من الخشب، هذه المعاني التي ذكرتها العرب لهذه الالفاظ.)2
3- البحث عن مكان استعمال الكلمة في الجمل لفهم المعنى المشترك بين الكلمات.
1 بحوث في القران الحكيم: ص 32
2 المصدر.
---------------
------------------------------------------------------------
---------------
------------------------------------------------------------