قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

قرية (المالح) تستضيف سبايا الحسين عليه السلام
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة *إعداد / نور الدين يوسف
إن الحوادث التي يتحدث عنها التاريخ مهما كبرت وعظمت ومهما وصفها الواصفون فهي دون كبر وعظمة واقعة الطف التي قتل فيها ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله، الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، تلك الجريمة التي ارتكبها طاغية التاريخ الحديث والقديم اللعين يزيد بن معاوية، وأن كبر بشاعته وطغيانه لم يكتف بفلذة كبد سيدة نساء العالمين الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام، فبعد أن قتل كل أهل بيته عليهم السلام وأصحابه، أقدم على جريمة اخرى وهي سبي نسائه وحريمه وهن ثاكلات قد فقدن كواكب وأقماراً كانت تضئ دجى العقيدة.
فبعد أن انتهت المعركة في ظهيرة العاشر من محرم عام 61هـ وبقيت النساء دون حمىً ودون رجال، أمر قائد الجيش الاموي عمر بن سعد بسوق عيال الحسين ونساء اصحابه سبايا كما تساق سبايا الترك والروم، وبذلك انتهكوا حرمة الله و رسوله، وقد انطلقت مسيرة السبايا من ارض كربلاء المقدسة سالكين الطريق إلى الكوفة ومنها إلى الشام، حيث كانت مركز (الخلافة) والدولة الاسلامية التي تسلط عليها يزيد بعد خلافته ابيه معاوية عليهما لعنة الله، وكان لعقيلة بني هاشم زينب بن أمير المؤمنين عليه السلام، وقفة في عقر دار العدو، حيث انطلق صوت الحق الهادر بخطبة هزت عرش الطاغية وأعقبها الإمام زين العابدين عليه السلام، فكان لهذه الخطب أثره البالغ في كشف الحقائق والزيف الذي كان يمارسه الامويون بحق المسلمين، وخشية من انقلاب الامر عليه، أمر يزيد بإخراج قافلة السبايا من الشام واعادتهم إلى مدينة جدهم رسول الله صلى الله عليه وآله.
وفي طري العودة من الشام الى المدينة مروراً بارض العراق، يروى ان نساء الحسين ومعهم الامام السجاد عليه السلام، طلبوا من امير القافلة ان يمر بهم على ارض كربلاء لزيارة المراقد الطاهرة لشهداء الفضيلة والحق، فما كان من النعمان بن بشير الأنصاري الذي كان يقود قافلتهم، إلا ان استجاب لهم، وعند وصولهم الى منطقة قريبة من قضاء (عين التمر) حالياً، نزلوا في مكان يسمى حالياً (خسيف)، وذلك ليستعيدوا انفاسهم ويلقوا ما اجهدهم الطريق، ثم واصلوا طريقهم الى كربلاء وهناك التقوا الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الانصاري ومعه عطيه العوفي وأقاموا سوية المأتم والعزاء، وارتفعت اصوات البكاء والنحيب على عظم الفاجعة.
هذا المكان تحول اليوم الى مزار مشيد رغم صغر حجمه وقلة الامكانات المحيطة به، لكن المؤمنين والموالين لا يبرحون وهم في طريق الى (عين التمر) ان يعرجوا على هذا المزار وهو بالقرب من قرية (المالح)، ليستعيدوا الذكريات الاليمة وما جرى على اهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله، ويجددوا العهد والولاء على مواصلة الطريق الذي مضى عليه سيد الشهداء عليه السلام وابنائه واصحابه. ثم واصلوا السير ووصلوا كربلاء فوجدوا جابر بن عبد الله الأنصاري وجماعة معه جاؤوا لزيارة أبي عبد الله الحسين عليه السلام فنزلوا ونصبوا العزاء جميعاً ثم عادوا قاطعين الطريق إلى المدينة.